المرصد العمالي– "هبة الحياه"عبيدات
"كل حياتنا تعب نفسي، يوم خوف من انهم يلغواالفيزا، ويوم تبهدلنا، ويوم قصوا راتبنا... أنا متأكد إني رح اطلع مريض نفسي منعملي"، بهذه العبارة يصف أحمد عمله في أحد فنادق "ايلات" المحتلة وهويردد "لو عندي شغل اخر ... والله منبكرا بترك".
العمل في "ايلات" بالنسبة للمواطن الأردنيأحمد، الذي يقطن في إحدى محافظات الشمال، كان الخيار الأخير الذي لجأ إليه في ضوءوضع اقتصادي سيء، على حد قوله.
ويدرك أحمد تماماً وهو أب لطفلين أن حياته إذا ما استمرتبهذا المنحى بالعمل لدى "دولة الاحتلال" فإن الطريق سينتهي به في أحدالمستشفيات النفسية.
"لو في بديل بالأردن، ما بدي راتبي وبرجع اشتغل في بلديبين أهلي وناسي" هكذا يقول اياد (اسم مستعار) متزوج ولديه طفلان لدى سؤاله عنسبب عمله في "ايلات".
أحمد واياد شابان من بين مئات الشباب الذين يحاولونالهرب من عدم توفر فرص عمل في الأردن، حيث ارتفعت معدلات البطالة إلى مستويات غيرمسبوقة منذ عشر سنوات، وسجلت 14.7% في نهاية شهر حزيران 2016.
انتهاكات عديدة
ووفق رصد قام به "المرصد العمالي"مع عدد من العاملين في "ايلات"، فإن الانتهاكات الواقعه على العمال في"ايلات" تتمثل في غياب التزام شركات التوظيف في الأردن بقانون العملوالنسبة المخصصة للاقتطاع من الرواتب، غياب الحقوق العمالية المتعلقة بالضمان الاجتماعي،وعدم التزام الشركات التي يعملون فيها بالحد الأدنى للأجور، عدا عن انتهاكات أخرىتلخصت في معاملتهم كعمال مياومة، بشكل مخالف لما تم الاتفاق عليه مع شركات"التوظيف" في الأردن، الى جانب المعاملة السيئة التي يتعرضون لها من قبلالمؤسسات التي يعملون فيها، كما وصفه البعض.
الشركات المتعاقدة
ايفاد العمالة الأردنية من العقبة إلى "ايلات"جاء بناءاً على بروتوكول تم توقيعه بين الجانبين الأردني و"الاسرائيلي"؛بحيث تقوم شركات توظيف أردنية بالتعاقد مع عمال إردنيين وايفادها إلى "ايلات"للعمل.
أحمد (اسم مستعار) يقص لنا ما حدث معه في بداية عمله في "ايلات"،منذ تقدمه بطلب إلى إحدى شركات التوظيفالأردنية في "دولة الاحتلال"، "صاحبي دلني عليهم، طلبوا منا دفعة700 دينار وما حدا قدر يأمنهم، فحاولت أأمنهم بمبلغ 350 دينار بدل أتعابهم".
لم تكتف الشركة بأخذ مبلغ مقدم وفق "أحمد" الذي قال لـ "المرصد العمالي" أن الشركة أخذتما نسبته 9% من البداية، إلا أنها قامت بتخفيضها إلى 7% لاحقاً، مؤكداً أن "العقدالمبرم بين الطرفين شي والوظيفة شي آخر".
وفقاً لتعليمات وزارة العمل فإن نسبة الاقتطاع المسموحبها لشركات التعاقد هي 7%، إلا أن هناك انتهاكات عديدة تتم بشكل مخالف لمعاييرالعمل المتعارف عليها.
فيما يشكو اياد (اسم مستعار) الذي توظف عن طريق إحدىشركات التوظيف من عدم الايفاء بالوعود التي تلقاها للعمل في "ايلات"،يقول لنا "قدمنا شكاوى كثير إلى مديرية العمل ضد الشركات وعالفاضي".
ويروي لنا قصته بقوله "نزلنا 19 واحد من الشركة،وما وقعت عقد، بس بياخدوا مني 7%... أنا ما شفت شي من الشركة، بس وعدونا بمبالغكبيرة وما شفنا شي هناك".
ويؤكد "إياد" أنه وفقاً للعقد الموقع بينهوبين الشركة فإن عدد أيام العمل يفترض أن تكون 26 يوم بواقع دوام 8 ساعات إلا أنهذا لا يحدث على أرض الواقع لمعاملتهم معاملة (عامل المياومة).
"اليوم اللي بروحوك فيه لأنه ما بكون فيه شغل مابحاسبوك عليه" يقول اياد.
مدير مركز خدمات المدينة والرقابة العامة في سلطة منطقة العقبةالاقتصادية طايل المجالي، يؤكد أن السلطة قامت بالضغط على الشركات المتعاقدةلتخفيض نسبة الرسوم التي تتقاضاها من العمال من 16% إلى 7%.
وهو ما أكده مصدر مسؤول في سلطة منطقة العقبة الاقتصاديةفضل عدم ذكر اسمه؛ "تم توجيه عدد من الشكاوى من قبل بعض العاملين في "ايلات"إلى السلطة، ليتم استدعاء الشركات المخالفة لنسبة الاقتطاع وإجبارها على الالتزامبالنسبة المحددة وفق القانون"، على حد قوله.
وفي محاولة لــ "المرصد العمالي" زيارة مقر إحدىشركات التوظيف التي تعمل في هذا المجال رفض المسؤول الحديث حول الموضوع، وطلب مناالعودة في اليوم التالي لمقابلة رئيس مجلس الادارة، وعند العودة في اليوم التاليلم نجد أياً منهما، وتم اجابتنا بأنهما لن يحضرا اليوم.
فيما طلبت شركة توظيف أخرى تعمل في المجال نفسه احضار موافقةأمنية للحديث في الموضوع.
ضمن هذه الاشكاليات يؤكد مدير مديرية العمل في العقبة يزيدعوجان بأن المسؤول عن مراقبة التزام هذه الشركات بقانون العمل الأردني عند التعاقدمع العمال هي مديرية التشغيل المسؤولة عن شركات التعاقد، علماً أنها أحد مديرياتوزارة العمل.
مديرية التشغيل في "قصبة العقبة" وعلى لسانمديرة قسم التفتيش "هبه عبد الغني" تؤكد أن المديرية معنية بالرقابة علىالشركات المتعاقدة استناداً للمادتين 10 و11 من قانون العمل الأردني.
"يتم المراقبة على الشركات المتعاقدة بما يتعلقبعقود العاملين ضمن فرق تفتيشية تقوم بعملية الزيارات الميدانية على هذه الشركات،ويتم اتخاذ اجراءات بتحرير المخالفات وتحويلها إلى محكمة بداية العقبة، والمحكمةتحولها الى قضايا جزائية لجلب المشتكى عليه للتأكد من المخالفة ومن ثم تغريمهمقيمة الغرامة" تقول عبد الغني لــ "المرصد العمالي".
معيقات ووضع سيء يخضع له عمال "ايلات"المحتلة
رغم أن العمل في "ايلات" خيار يرفضه مواطنون أردنيونلرفضهم للتطبيع مع "دولة الاحتلال"، إلا أن هذا لم يسهل من عملية العمل هناكإذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار قلة رغبة البعض بالعمل في "دولة الاحتلال"رفضاً للتطبيع، فشروط عديدة ومعيقات كثيرة يتعرض لها عمال "ايلات" بشكل يوميمنها ما هو مرتبط بادارة العمل في "ايلات" ومنها ما هو مرتبط بالشركات المتعاقدةفي العقبة.
"عامل تنظيف بعدني بشتغل آه، شو بدي اسوي"يوضح عماد (اسم مستعار) طبيعة عمله في أحد فنادق "ايلات".
"الرواتب هناك في "ايلات" مقصوصة، وضرايب،وعدد ساعات الدوام مش زي ما كان متفق عليه.. بهادل .. وضرب .. وصراخ" يقول عماد.
وضع المسكن الذي يقيم به العمال الأردنيون يختلف تماماًمع ما تم الاتفاق عليه مع الشركة المتعاقدة، وفق عماد الذي يروي تفاصيل معاناتهمقائلاً: "انزلنا على فندق الوضع سيء، ولم يكن الاتفاق هكذا .. احنا نظفناهلنقدر انام فيه... تعالي خدي عينة مي من الاوتيل وشوفي شو بطلع معك... اذا وضعكممتاز بتاخد 600 دينار شهرياً، وبعدين بحاسب الشركة وبخصموا علينا المواصلات، فيايلات الحد الدنى للأجور 90 شيكل يومياً، فيما يتقاضى العامل الأردني هناك 25 شيكلأي 4.60 دينار".
العمل في ايلات المحتلة في ضوء بروتوكول ثنائي
العمل في "ايلات المحتلة" يخضع لاتفاقية موقعةبين الجانبين الأردني "ودولة الاحتلال"؛ والتي تم بناءاً عليها فتح بابالعمل للأردنيين في "ايلات المحتلة" منذ عام 1998، وتم تجديد البروتوكولفي 5/2015 والمتعلق بعمال الفنادق بحيث تم الاتفاق على ايفاد 1500 عامل فندقي إلى "ايلاتالمحتلة" على مراحل.
مدير مركز خدمات المدينة والرقابة العامة في سلطة منطقة العقبةالاقتصادية طايل المجالي أكد أن عدد العمال في "ايلات المحتلة" وصل حتى اللحظةإلى 840 عاملاً.
وأوضح المجالي أن أبرز ما قامت به السلطة لحل اشكالياتعديدة ضمن ملف العمال في "ايلات المحتلة" كان من ضمنها؛ التدخل لدى "دولةالاحتلال"؛ لازالة الضرائب عن العمال الأردنيين، كما وتم الاشتراط عليهم بأنيكون الحد الأعلى لساعات العمل 186 ساعة في الشهر.
منذ ان حلت الاشكاليات المتعلقة بالضرائب "الاسرائيلية"المفروضة على العمال وتخفيض النسبة التي تفرضها الشركات المتعاقدة إلى 7% لم تردأي شكاوى للمفوضية من قبل العمال، حسبما أضاف المجالي.
وكانموقع وزارة الخارجية لــ "دولة الاحتلال"، نشر في شهر أبريل الماضيبياناًيوضح به الموافقة على الجولة الثانية منالسماح لــ 500 عامل أردني بالعمل في قطاع الفنادقفي "إيلات".
وأوضحالبيان أن هذا السماح يأتي وفق مبادرة من قبل وزارة السياحة في "دولةالاحتلال"، "بسببنقص القوى العاملة في فنادق "إيلات" التي يزيد استيعابها في موسم الصيف.
وجاءفي البيان الذي نشره موقع خارجية "دولة الاحتلال"؛ أنها وافقت في عام2014 على قرار السماح لــ 1500 عامل من الجنسية الأردنية للعمل في فنادق "إيلاتالمحتلة" لاشغال النقص في القوى العاملة.
ويعملهؤلاء وفقاً للاتفاق بين الدولتين في "ايلات المحتلة"؛ ضمن شروط عمالالمياومة والذين يعودون إلى الأردن في نهاية يوم العمل دون المبيت في "ايلات"،وتأمين مبيت لهم في أحد فنادق العقبة؛ اذ يشمل عملهم في الفنادق في مجالات؛ التنظيف،وغسل الاطباق وخدمة الغرف في فنادق "إيلات" فقط.
ويستمرالبروتوكول بين الطرفين بتزويد فنادق "ايلات المحتلة" بالقوى العاملةالأردنية حتى نهاية عام 2019؛ بعد تأسيسلجنة استشارية من قبل "دولة الاحتلال" برئاسة ممثل سلطة السكان والهجرةوبمشاركة ممثلين من مكتب رئيس الوزراء، وزارة السياحة، وزارة الاقتصاد، وزارةالخارجية ووزارة المالية، والتي تقدمت بتوصياتها إلى وزير الداخلية بشأن مدةوتوقيت تصاريح العمل.