الرئيسية > عمال الانشاءات: ظروف عمل صعبة وغياب لأدوات السلامة العامة

عمال الانشاءات: ظروف عمل صعبة وغياب لأدوات السلامة العامة

الاثنين, 04 أيلول 2017
النشرة الالكترونية
Phenix Center
عمال الانشاءات: ظروف عمل صعبة وغياب لأدوات السلامة العامة
المرصد العمالي – "لقمة العيش كلفت زوجي حياته"، بهذه الكلمات بدأت زوجة عامل البناء محمود حديثها، قائلة "توفي زوجي عن عمر الثلاثين، تاركاً خلفه ثلاثة أطفال، حيث كان يعمل بناءً ما يقارب الـ10 سنوات، إلا أنه وفي يوم من أيام عمله سقط عن الطابق الخامس وتوفي".

تضيف تغريد "زوجي لم يكن مشتركاً في الضمان الاجتماعي، ولا يوجد أي تعويض مادي لنا من قبل أي جهة بما فيها الشركة التي كان يعمل فيها"، وحول سؤالنا عن أدوات السلامة العامة في البناء، وهل كان زوجها يرتديها، قالت: "أن الشركة لم توفر له ملابس خاصة في البناء، حيث كان لباسه المعتاد "بنطال، وقميص"، مؤكدة أنه وزملائه تغيب عنهم السلامة العامة، مشيرة أنهم في يد الرحمن".

عُمر يشكو وزملاءه من العمل تحت أشعة الشمس وفي درجات حرارة مرتفعة صيفاً، ومن البرد القارس شتاءً، مؤكداً أنهم يعملون لساعات طويلة تتجاوز ساعات العمل الذي جرى الاتفاق عليها دون بدل إضافي.

وأشار عمر أن الأدوات الواقية مثل: "القبعات، والنظارات، والقفازات، والفيزت، والسيفتي"، لا يجري توفيرها من قبل الشركة مما يؤذي إلى تعرضهم للإصابات في ظل غياب ما يحميهم".

وفي السياق ذاته سجلت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الحوادث الناجمة عن إصابات العمل في قطاع الإنشاءات ليبلغ عددها  (1876) حادث عمل في عام 2014 وبنسبة 12.2% من إجمالي الحوادث المسجلة، و (2022) حادث عمل في عام 2015 وبنسبة 13.9% من إجمالي الحوادث المسجلة لدى المؤسسة.

 فيما شهد  العام 2015 إصابة 45 شخصاً من كل ألف عامل في قطاع الإنشاءات، وهو ما يوازي أربعة أضعاف المعدل العام لإصابات العمل البالغ 11 إصابة لكل ألف مؤمن عليه.

إضافة إلى أن (62.9) من إصابات العمل المسجلة في قطاع الإنشاءات لعام 2015 كانت لمؤمن عليهم أردنيين، فيما كانت نسبة (37.1%) من الإصابات لغير أردنيين في العام نفسه، بينما بلغ معدل وقوع إصابات العمل للأردنيين (43.7) إصابة عمل لكل (1000) مؤمن عليه أردني في عام 2015، في حين بلغ معدل وقوع إصابات العمل لكل 1000 مؤمن عليه غير أردني(47.7) للعام نفسه.

وفيما يتعلق بالعمر استحوذت الفئة العمرية (20-24 ) على أعلى نسب إصابات عمل في قطاع الإنشاءات لعام 2015 إذ جرى تسجيل (502) إصابة وبنسبة (27.7%) من إجمالي الإصابات، تلتها الفئة العمرية من (25-29) سنة بعدد إصابات بلغ (425) إصابة وبنسبة (23.5%) من إجمالي الإصابات، أما فيما يتعلق بأعداد الإصابات حسب سبب الإصابة في قطاع الإنشاءات فقد سجل سقوط الأشخاص أعلى النسب في عام 2015 ؛ إذ وصل عدد الإصابات بسببه إلى (331) إصابة وبنسبة (38.4%)، تلتها سقوط الأشياء بعدد إصابات بلغ (331) إصابة وبنسبة (14.7%).

أما علي يعمل في قطاع الإنشاءات منذ 7 سنوات، يتقاضى أجرأ يوميا يبلغ 10 دنانير، مقابل 14 ساعة عمل، مع غياب أي نوع من أنواع الحماية الاجتماعية من ضمان أو تأمين صحي، مؤكداً أنه وفي حال مرضه لا يستطيع التغيب عن العمل، ذلك ليحصل على أجرته اليوميه لتلبية احتياجات أسرته في ظل ارتفاع المستوى المعيشي.

هشام عامل مصري حضر إلى الأردن قبل 4 سنوات للعمل في قطاع الإنشاءات حيث أنها المهنة التي يعمل فيها في بلده، ويقول: أنه يعمل طوال  النهار دون عقد عمل، مكتفيا بوعد مفاده إنجاز العمل مقابل أجر يومي يبلغ 15 ديناراً إلى 20 ديناراً.

وفيما يتعلق بتوفير أدوات السلامة العامة، أكد أنها تغيب عن غالبية مواقع البناء، حيث أنه وخلال عمله لم يُعطى في يوم ما ملابس خاصة بالعمل، مؤكداً أنه أصيب مرات عدة أثناء عمله وتحمل هو تكاليف علاجه كاملة. 

وحول الأسباب الجذرية لوقوع الحوادث أكدت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أنها تتمثل في ضعف التزام إدارات المنشآت بالسلامة والصحة المهنية، وعدم كفاءة التدريب بهذا الجانب في المنشآت، إضافة إلى عدم وجود سياسة واضحة أو استراتيجية سلامة وصحة مهنية في الأردن تركز على قطاع الإنشاءات.

مُضيفة أن قانون الضمان الاجتماعي عزّز حماية الطبقة العاملة والحفاظ على سلامة العاملين بإلزام المنشآت بتوفير متطلبات وشروط السلامة والصحة المهنية وأدواتها في مواقع العمل, ووضع عقوبات على المنشآت المخالفة تتمثل بزيادة نسبة اشتراكات تأمين إصابات العمل بحد أعلى يصل إلى (4%) بدلاً من (2%)، وتحميل المنشآت نفقات العناية الطبية للمصابين في حال وقعت الإصابة بسبب مخالفتها لشروط ومعايير السلامة والصحة المهنية.

وبحسب نقابة مقاولي الإنشاءات الأردنيين فإن حوادث العمل في  قطاع الأعمال الإنشائية تعد أكثر الحوادث خطورة منها في القطاعات الأخرى؛ لما ينجم عنها من وفيات عديدة خصوصاً أثناء العمل على ارتفاعات عالية دون اتخاذ وسائل الوقاية الخاصة بالسلامة العامة والصحة المهنية ونظام العمل الآمن.

وبينت النقابة أن المخاطر المهنية في قطاع الإنشاءات تتمثل في: عدم قيام مراقب السلامة بالمهام والواجبات المنوطة به، وعدم تنفيذ الشروط الوقائية، وعدم الإلتزام بتنفيذ ما يطلبه الدفاع المدني من توجيهات وقائية، إضافة إلى عدم الإلتزام بشروط السلامة المتعلقة باستخدام الروافع وملحقاتها، وعدم إعداد لوحات ارشادية لتنظيم أماكن الخطورة بمختلف أرجاء موقع العمل، إضافة إلى العديد من المخاطر التي قد تؤدي إلى إنهاء حياة العديد من العاملين أو إصابتهم بعجز كامل أو جزئي.

يلزم قانون العمل أصحاب العمل بتطبيق تعليمات السلامة المهنية والصحية، إلا أن عشرات العمال الذين جرى مقابلتهم أكدوا أنهم يعملون في ظروف صعبة أقرب إلى استعبادهم، بعيدة عن بيئة عمل لائقة توفر الحماية الجسدية وأدوات السلامة العامة لهم، مُستذكرين قصصاً عدة لزملاء فقدوهم أو أصيبوا بإصابات بالغة عطلت حياتهم.

يجدر الذكر أن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي اعتمدت مهن البنّاء والبلّيط والقصّير ونقَّاش وكحّيل الحجر، مهن خطرة وفقاً لجدول المهن الخطرة الملحق بالنظام المعدل لنظام المنافع التأمينية رقم 120 لسنة 2016 الصادر بموجب قانون الضمان الاجتماعي رقم 1 لسنة 2014.